الأحد، 17 أبريل 2011

باب ذكر جماعة من أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام

ممن لا يعلم وقت زمانهم على التعيين إلا أنهم بعد داود عليه السلام وقبل زكريا ويحيى عليهما السلام

فمنهم شعيا بن أمصيا قال محمد بن إسحاق : وكان قبل زكريا ويحيى وهو ممن بسثر بعيسى ومحمد عليهما السلام وكان في زمانه ملك اسمه حزقيا على بني إسرائيل ببلاد بيت المقدس ، وكان سامعا مطيعاً لشعيا فيما يأمره به وينهاه عنه من المصالح ، وكانت الأحداث قد عظمت في بني إسرائيل ، فمرض الملك وخرجت في رجله قرحة ، وقصد بيت المقدس ملك بابل في ذلك الزمان وهو سنحاريب قال ابن إسحاق : في ستمائة ألف راية

وفزع الناس فزعا عظيماً شديداً وقال الملك للنبي شعيا : ماذأ أوحى الله إليك في أمر سنحاريب وجنوده ؟ فقال : لم يوح إلي فيهم شيء بعد ، ثم نزل عليه الوحي بالأمر للملك حزقيا بأن يوصي وسيتخلف على ملكه من يشاء ، فإنه قد اقترب أجله فلما أخبره بذلك أقبل الملك على القبلة فصلى وسبح ودعا وبكى فقال وهو يبكي ويتضرع إلى الله عز وجل بقلب مخلص وتوكل وصبر : اللهم رب الأرباب وإله الآلهة يا رحمن يا رحيم ، يا من لا تأخذه سنة ولا نوم اذكرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل وذلك كله كان منك فأنت أعلم به من نفسي ، سري وإعلاني لك

قال : فاستجاب الله له ورحمه وأوحى الله إلى شعيا أن يبشره بأنه قد رحم بكاءه وقد أخر في أجله خمس عمثرة سنة وأنجاه من عدوه سنحاريب فلما قال له ذلك ذهب منه الوجع وانقطع عنه الشر والحزن وخر ساجداً وقال في سجوده : اللهم أنت الذي تعطي الملك من تشاء ، وتنزعه ممن تشاء ، وتعز من تشاء ، عالم الغيب والشهادة ، فأنت الأول والآخر ، والظاهر والباطن ؟ وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرين

فلما رفع رأسه أوحى الله إلى شعيا أن يأمره أن يأخذ ماء التين فيجعله على قرحته فيشفى ويصبح قد برئ ففعل ذلك فشفي

وأرسل الله على جيش سنحاريب الموت فأصبحوا وقد هلكوا كلهم سوى سنحاريب وخمسة من أصحابه منهم بختنصر أرسل ملك بني إسرائيل فجاء بهم فجعلهم في الأغلال وطاف بهم البلاد على وجه التنكيل بهم والإهانة لهم سبعين يوماً ، ويطعم كل واحد منهم كل يوم رغيفين من شعير ، ثم أودعهم السجن وأوحى الله تعالى إلا شعيا أن يأمر الملك بإرسالهم إلى بلادهم لينذروا قومهم ما قد حل بهم ، فلما رجعوا جمع سنحاريب قومه وأخبرهم بما قد كان من أمرهم فقال له السحرة والكهنة : إنا أخبرناك عن شأن ربهم وأنبيائهم فلم تطعنا ، وهي أمة لا يستطيعها أحد من ربهم فكان أمر سنحاريب مما خوفهم الله به ثم مات سنحاريب بعد سبع سنين

قال ابن إسحاق : ثم لما مات حزقيا ملك بني إسرائيل مرج أمرهم واختلطت أحداثهم ، وكثر شرهم ، فأوحى الله تعالى إلى شعيا فقام فيهم فوعظهم وذكرهم وأخبرهم عن الله بما هو أهله وأنذرهم بأسه وعقابه إن خالفوه وكذبوه فلما فرغ من مقالته عدوا عليه وطلبوه ليقتلوه ، فمهرب منهم فمر بشجرة فاتفلتت له فدخل فيها وأدركه الشيطان فأخذ بهدبة ثوبه فأيرزها فلما رأوا ذلك جاءوا بالمنشار فوضعوه على الشجرة فنشروها ونشروه معها ، فإنا لله وإنا إليه راجعون

ومنهم أرميا بن حلقيا من سبط لاوى بن يعقوب

وقد قيل إنه الخضر رواه الضحاك عن ابن عباس وهو غريب وليس بصحيح

قال ابن عسكر : جاء في بعض الآثار أنه وقف على دم يحيى بن زكريا وهو يفوز بدمشق فقال : أيها الدم فتنت الناس فاسكن فسكن ورسب حتى غاب

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني علي بن أبي مريم ، عن أحمد بن حباب ، عن عبد الله ابن عبد الرحمن قال : قال أرميا : أي رب أي عبادك أحب إليك ؟ قال : أكثرهم لي ذكراً ، الذين يشتغلون بذكري عن ذكر الخلائق ، الذي لا تعرض لهم وساوس الفناء ، ولا يحدثون أنفسهم بالبقاء ، الذين إذا عرض لهم عيش الدنيا قلوه وإذا زوى عنهم سروا بذلك ، أولئك أنحلهم محبتي وأعطيهم فوق غاياتهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق