قد اختلف في وفاة أبيه هل توفي بعد ولادته أو قبلها ؟ الأكثر على أنه توفي وهو حمل . ولا خلاف أن أمه ماتت بين مكة والمدينة بالأبواء منصرفها من المدينة من زيارة أخواله . ولم يستكمل إذ ذاك ست سنين .
فكفله جده عبد المطلب . ورق عليه رقة لم يرقها على أولاده . فكان لا يفارقه . وما كان أحد من ولده يجلس على فراشه - إجلالا له - إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقدم مكة قوم من بني مدلج من القافة . فلما نظروا إليه قالوا لجده احتفظ به . فلم نجد قدما أشبه بالقدم الذي في المقام من قدمه . فقال لأبي طالب اسمع ما يقول هؤلاء واحتفظ به .
وتوفي جده في السنة الثامنة من مولده . وأوصى به إلى أبي طالب . وقيل إنه قال له
أوصيك يا عبد مناف بعدي | | بمفرد بعد أبيه فرد |
وكنت كالأم له في الوجد | | تدنيه من أحشائها والكبد |
فأنت من أرجى بني عندي | | لرفع ضيم ولشد عضد |
سبب تسميةعبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم فهو الذبيح .
وسبب ذلك أن عبد المطلب أمر في المنام بحفر زمزم . ووصف له موضعها . وكانت جرهم قد غلبت آل إسماعيل على مكة ، وملكوها زمانا طويلا . ثم أفسدوا في حرم الله . فوقع بينهم وبين خزاعة حربوخزاعة من قبائل اليمن ، من أهل سبأ . ولم يدخل بينهم بنو إسماعيل . فغلبتهم خزاعة . ونفت جرهما منمكة . وكانت جرهم قد دفنت الحجر الأسود ، والمقام وبئر زمزم . وظهر بعد ذلك قصي بن كلاب علىمكة . ورجع إليه ميراث قريش . فأنزل بعضهم داخل مكة - وهم قريش الأباطح - و بعضهم خارجها - وهم قريش الظواهر - فبقيت زمزم مدفونة إلى عصر عبد المطلب . فرأى في المنام موضعها . فقام يحفر فوجد فيها سيوفا مدفونة وحليا ، وغزالا من ذهب مشنفا بالدر . فعلقه عبد المطلب على الكعبة . وليس مععبد المطلب إلا ولده الحارث . فنازعته قريش ، وقالوا له أشركنا ، فقال ما أنا بفاعل . هذا أمر خصصت به . فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه .
فنذر حينئذ عبد المطلب : لئن آتاه الله عشرة أولاد وبلغوا أن يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة . فلما تموا عشرة . وعرف أنهم يمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه . وكتب كل منهم اسمه في قدح . وأعطوها القداح قيم هبل - وكان الذي يجيل القداح - فخرج القدح على عبد الله . وأخذ عبد المطلب المدية ليذبحه . فقامت إليهقريش من ناديها فمنعوه . فقال كيف أصنع بنذري ؟ فأشاروا عليه أن ينحر مكانه عشرا من الإبل . فأقرع بين عبد الله وبينها . فوقعت القرعة عليه . فاغتم عبد المطلب ، ثم لم يزل عشرا عشرا ، ولا تقع القرعة إلا عليه إلى أن بلغ مائة . فوقعت القرعة على الإبل . فنحرت عنه . فجرت سنة وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل عليه السلام وأباه عبد الله . ثم ترك عبد المطلب الإبل لا يرد عنها إنسانا ولا سبعا . فجرت الدية في قريش والعرب مائة من الإبل وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام . وقالت صفية بنت عبد المطلب :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق